إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
108418 مشاهدة
بيان أنساك الحج الثلاثة والتفضيل بينها

ثم الأنساك التي يحرم بها الحجاج في هذه الأزمنة ثلاثة؛ الأنساك ثلاثة:
أولها أو أفضلها التمتع ثم الإفراد ثم القران، هذا هو ترتيبها عند الإمام أحمد وهناك من يفضل الإفراد؛ روي أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفردون أو يقرنون وينهون عن التمتع؛ ولعل السبب أنهم يخشون تعطل البيت الحرام من الزوار؛ لأن الحجاج إذا اعتمروا مع حجهم لم يأتوا إلى البيت في بقية السنة، واختار عمر أنهم يفردون، وذهب إلى أفضلية الإفراد كثير من العلماء كالمالكية والشافعية.
وبكل حال نحن أيضًا نقول: إن من اعتمر في رمضان وذهب إلى الحج في اليوم الثامن أو التاسع فإن الأفضل له الإفراد؛ وذلك لأنه ما بقي إلا شيء يسير من زمن التمتع؛ فلذلك يفضل الإفراد لمن كان متأخرًا أي: في اليوم الثامن أو ما بعده أو ليلة الثامن، ثم صفة التمتع: أن يحرم بالعمرة كعمرة رمضان ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن ويكمل المناسك هذا هو التمتع.
والقران: أن يحرم بالحج والعمرة جميعًا؛ يقرنهما، يجعل إحرامه بحج وعمرة، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج، ويصير قارنا، ويبقى على إحرامه إلى أن يتحلل في يوم العيد أو بعده.
وكذلك المفرد عمله مثل عمل القارن إلا أنه ليس له إلا حج؛ إحرامه بحج فقط؛ ولذلك المفرد ليس عليه دم والقارن عليه دم؛ وذلك لأنه متمتع، يعني: منتفع؛ منتفع بإتيانه بحج وعمرة في سفر واحد وفي عمل واحد. نعرف أن من أراد الحج فإنه يتوجه إلى مكة في موسم الحج، وعليه إذا مر بالميقات أن لا يتجاوزه إلا بعد أن يحرم؛ لا يتجاوز الميقات.
المواقيت: الأماكن التي إذا أتى عليها الحاج أو المعتمر أحرم منها: فميقات أهل نجد وأهل الطائف وأهل هذه البلاد؛ ميقاتهم: قرن المنازل ويعرف الآن بالسيل من جهة السيل الكبير من جهة الطائف أعلاه الذي يسمى وادي محرم هذا ميقات أهل الطائف وأهل نجد ومن في جهتهم.
أما أهل البلاد الشمالية كالمدينة وتبوك وحائل وتلك الجهات فيحرمون من ذي الحليفة الذي بجوار المدينة .
وأما أهل الشام وأهل السواحل فميقاتهم الجحفة ويحرمون الآن من رابغ .
وأما أهل اليمن وأهل جيزان وأهل التهام فميقاتهم يلملم .
وأما أهل العراق وأهل المشرق؛ أهل خراسان فميقاتهم ذات عرق والآن عرفنا في هذه المقدمة شروط وجوب الحج.
هذا السؤال يجاوب عليه النساء: أن المرأة عليها الحج، ولكن بشروط، فلا بد أنهن يكتبن شروط وجوب الحج التي ذكرناها.
كذلك أيضًا عندنا الأنساك الثلاثة، عرفنا أن أفضلها عندنا التمتع، ثم نعرف أن من أتى على الميقات فإنه لا يتجاوزه إلا بعد أن يحرم، والإحرام: هو النية؛ ليس هو مجرد اللباس، لو لبس وهو في بلده ولم ينو فلا يسمى محرمًا حتى ينوي، وإذا نوى وعقد الإحرام فإن عليه أن يُسمي نسكه الذي يحرم به؛ فيقول مثلا إن كان متمتعا: لبيك عمرة أو اللهم لبيك عمرة، وله أن يقول: لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج، وإذا خاف من عائق يعوقه فله أن يشترط بقوله: فإن حبسني حابس فمحلى حيث حبستني، فمثلا إذا أحرمت المرأة وخافت أن يأتيها العذر، ولا تكمل عمرتها في رمضان مثلا أو في شعبان أو في رجب، وخافت أن أهلها يستعجلون فلها أن تشترط، فتقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ فإذا جاءتها العادة واستعجل أهلها ولم ينتظروا طهرها؛ فلها أن تتحلل.